حال أطفال المسلمين الذين يساقون إلى دول الكفر ليقوموا بتربيتهم وواجب المسلمين تجاه ذلك
السؤال: يعز علينا أن نشاهد أطفال المسلمين في البوسنة والهرسك وهم يساقون إلى دول الكفر في ألمانيا وإيطاليا وغيرها تحت رعاية المؤسسات التنصيرية، فيصبح حال المسلمين هناك إما القتل، أو التنصير.
فلماذا لا تقوم الهيئات الإسلامية المتمثلة بهيئة الإغاثة والندوة العالمية بإحضار أطفال مسلمين من هناك إلى المملكة وبناء الملاجئ لهم، ونحن على استعداد لكفالتهم ورعاية شئونهم، وهذا ليس كثيراً على حكومة المملكة والهيئات الإسلامية فهي تقدم الكثير والكثير للمسلمين، وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: أقول مع الأسف الشديد هذا السؤال -فعلاً- ينكأ جرحاً عظيماً في قلب كل مسلم، وهو عندما نرى المسلمات والأطفال المسلمين ليس فقط في البوسنة والهرسك بل في أكثر الدول الإفريقية.
وقد جاءتني رسالة من موازمبيق أن المسلمة تباع بما يقل عن ثلاثين دولاراً!! وغيرها من الدول فهذا أمر محزن.
وأيضاً ما يجري في كشمير والهند وبنجلادش من المنصرين مع الفقر والجوع.
وما يجري في الفلبين وفطاني، وما يجري في معظم دول غرب إفريقيا، وهي تزيد عن عشر دول.
كل ذلك يبكي ويدمي القلوب، والذي يزيد ألماً -حقيقة- أن الدول الكافرة هنالك إذا ذهبت إليها أي أسرة -كأن تكون أسرة صومالية- ووصلت إلى أي مطار من مطارات دول أوروبا فإنها تستقبل بدون النظر إلى الجواز أو غيره، وتُؤوى رأساً، وتُعطى إقامة، ويسكنون في مساكن، وتقدم لهم خدمات عظيمة، كما في بريطانيا وكندا وغيرها، وقد يعطون الجنسية.
فأقول مع الأسف الشديد: هذا يقع من دول الكفر، سواء فعلوه من أجل التنصير أم لغيره، فليس شرطاً أن يكون غرضهم التنصير، لكنهم كما في كندا، يريدون أن يقيم هؤلاء ويسكنون البلد ثم يكونون من رعاياه فيما بعد، وإن لم يكونوا كذلك، فالأبناء سيكونون كذلك، فيدينون بدين البلد ولغته وكل شيء.
وأقول: إنه من المؤلم أن يقع هذا، وأما المسلمون وبلاد المسلمين، فربما أنها قد تضيق وتطرد، وتؤذي من يدعو إلى الله تبارك وتعالى فيها، فكيف نطالبها بأن تؤوي.
والمنظمات الإسلامية كما عندنا هنا -مثلاً- ماذا في إمكانها أن تعمل؟ هذا لو أرادت ذلك.
والحقيقة أن الأمر أمر أمة، وليس أمر جمعيات وهيئات.
وإذا كانت الجمعيات في أمريكا مائتي مليون جمعية، فنحن عندنا جمعية وهيئة واحدة.
وإذا كان ما يجمع للكنيسة في أمريكا يساوي بالريال السعودي مائة وعشرين ألف مليون ريال، أي: مائة وعشرين ملياراً، وهذه تجمع فقط للكنيسة.
وإذا كان المنصرون ومن يعملون في حقل التنصير من الأمريكان فقط يزيدون على أربعة ملايين، فعند الرابطة هنا مائتا داعية، وعند الإفتاء ثلاثمائة.
فماذا عندنا وكيف يمكن أن نستقبل هؤلاء؟
وأنا أقول -وطبعي أن أقول الحق والصراحة-: هذه ليست قضية جمعية ولا مؤسسة، بل هي قضية أمة بأجمعها.
فعلى العلماء أن يتحركوا الخطباء وأن يتحرك الخطباء والرجال، وأن تتحرك النساء: فإما أن تتحرك الحكومات، أو تستجيب لحركتهم.
وأن يكون لنا دور فعال في هذه القضايا الإسلامية.
أما أن تكون صحافتنا لا تنقل إلا ما يقال في الغرب، وإعلامنا لا ينقل إلا ما يُنقل في الغرب، حتى في هذه الأمور، فحقيقة إن الهوة بعيدة وسحيقة بين ما قاله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر} وبين واقعنا الحالي فمع الأسف الشديد نحن لا نندد أحياناً، ولا نستنكر، ولا نقف أي موقف إلا بعد أن يقفه الغرب نفسه.
فهذه أحوال تُشكى إلى الله تبارك وتعالى، وفي الإشارة ما يغني عن إطالة العبارة.